تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ حَدَّثَنَا، عَنْ رَفْعِهَا، فَقَالَ: "يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُرْفَعُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا كَأَثَرِ الْوَكْتِ، ثم يَنَامُ النَّوْمَةَ، فَتُنْزَعُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا كَأَثَرِ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ". ثُمَّ أَخَذَ حُذَيْفَةُ كَفًّا مِنْ حَصًى، فَدَحْرَجَهُ عَلَى سَاقِهِ.

قَالَ: فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ! وَأَجْلَدَهُ! وَأَظْرَفَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ".

وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَلَسْتُ أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّ عَلَيَّ إِسْلَامُهُ، وَلَئِنْ كَانَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا لَيَرُدَّنَّ عَلَيَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ لِأُبَايِعَ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا (1).


(1) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (6497)، ومسلم (143)، والترمذي (2320) من طريق الأعمش، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وهو في "مسند أحمد" (23255)، و"صحيح ابن حبان" (6762).
قوله: "الوكت": هو النقطة في الشىء من غير لونه.
و"المَجْل": غِلَظ الجلد من أثر العمل.
و"مُنتبرًا": منتفخًا وليس فيه شيء، وكل شيء رفع شيئًا فقد نَبرَهُ، ومنه اشتُق المنبر.
و"ساعيه"، الساعي واحد السُّعاة، وهم الولاة على القوم، يعني أن المسلمين كانوا مهتمين بالإسلام، فيحتفظون بالصدق والأمانة، والملوك ذوو عَدلِ، فما كنت أبالي أن أعامِل، إن كان مسلمًا ردَّه إلي بالخروج عن الحق عمله بمقتضى الإسلام، وإن كان غير مسلم أنصفنى منه عامِلُه. قاله ابن الأثير في "جامع الأصول" 1/ 321.

<<  <  ج: ص:  >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير